كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال قتادة {وسبحوه بكرة وأصيلا} آية 42 صلاة الصبح والعصر.
57- وقوله جل وعز: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} آية 43 قال الحسن سألت بنو إسرائيل موسى صلى الله عليه أيصلي ربك فكأنه أعظم ذلك فأوحى الله جل وعز إليه إن صلاتي أن رحمتي تسبق غضبي.
والأصيل العشي قال الفراء معنى هو الذي يصلي عليكم وملائكته هو الذي يغفر لكم وتستغفر لكم ملائكته.
58- وقوله جل وعز: {تحيتهم يوم يلقونه سلام} هو كما قال والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم أي تحيتهم في الجنة سلام.
59- وقوله جل وعز: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} آية 45 شاهدا أي شاهدا بالإبلاغ ومبشرا بالجنة ونذيرا من النار وداعيا إلى الله بإذنه أي بأمره.
وسراجا منيرا أي وذا سراج وهو القرآن ويجوز أن يكون المعنى ومبينا وتاليا حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن شيبان النحوي قال حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال لما نزلت {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} دعا رسول الله عليا ومعاذا فقال انطلقا فيسرا ولا تعسرا فإنه قد نزل علي الليلة آية {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} من النار وداعيا إلى الله قال شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه بأمره وسراجا منيرا قال بالقرآن.
60- وقوله جل وعز: {ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم} آية 48 قال مجاهد ودع أذاهم أي أعرض عنهم.
61- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} قال حبيب بن أبي ثابت سئل علي بن الحسين عليه السلام عن رجل قال لامرأته إن تزوجتك فأنت طالق فقال ليس بشئ ذكر الله جل وعز النكاح قبل الطلاق فقال إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن.
62- وقوله جل وعز: {فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} قال سعيد بن المسيب هي منسوخة بالتي في البقرة يعني قوله جل وعز: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة} أي فلم يذكر المتعة.
63- وقوله جل وعز: {يا أيها النبي إنا حللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} آية 50 قال مجاهد أي صداقهن وروى أبو صالح عن أم هانئ قالت خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت منه فعذرني فأنزل الله جل وعز: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} إلى قوله: {اللاتي هاجرن معك} ولم أكن هاجرت إنما كنت من الطلقاء فكنت لا أحل له.
64- ثم قال جل وعز: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} آية 50 قال علي بن الحسين رضي الله عنه وعروة والشعبي هي أم شريك وقال الزهري وعكرمة ومحمد بن كعب هي ميمونة ابنة الحارث وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الزهري ووهبت سودة يومها لعائشة.
وقرأ الحسن أن وهبت وقرأ الأعمش {وامرأة مؤمنة وهبت} وكسر إن أجمع للمعاني لأنه قيل إنهن نساء وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها لأن الفتح على البدل من امرأة وبمعنى لأن وقال مجاهد لم تهب نفسها فعلى هذا القول لا تكون إن إلا مكسورة وقيل ومعنى وهبت نفسها إن تزوجت بلا صداق.
وقيل هو أن تجعل الهبة صداقا وأن هذا لا يحل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن معنى الهبة في اللغة دفع شئ بلا عوض.
65- وقوله جل وعز: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} أي قد علمنا ما في ذلك من الصلاح وهذه كلمة مستعملة يقال أنا أعلم مالك في ذا وروى زياد بن عبد الله عن أبي بن كعب في قوله تعالى قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم قال مثنى وثلاث ورباع وقال قتادة فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وصداق وأن لا يتزوج الرجل أكثر من أربع.
66- وقوله جل وعز: {لكيلا يكون عليك حرج} آية 50 متعلق بقوله: {إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيتهن آجورهن}.
67- وقوله جل وعز: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} آية 51 روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن} قال هذا في الواهبات أنفسهن قال الشعبي هن الواهبات أنفسهن تزوج رسول الله منهن وترك منهن وقال الزهري ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه بل آواهن كلهن وقال قتادة أطلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بينهن كيف شاء ولم يقسم بينهن إلا بالقسط حدثنا أحمد بن محمد بن نافع حدثنا سلمة حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن منصور عن أبي رزين قال المرجآت النبي ميمونة وسودة وصفية وجويرية وأم حبيبة وكانت عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب سواء في قسم النبي صلى الله عليه وسلم يساوي بينهن في القسم.
وقال مجاهد هو أن يعتزلهن بلا طلاق قال أبو جعفر قول قتادة وأبي رزين ومجاهد يرجع إلى معنى واحد أن ذلك في القسم وقد روى منصور عن أبي رزين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يخلي اللواتي أرجأهن فقلن له اقسم لنا كيف شئت واتركنا على حالنا فتركهن وقال قتادة في قوله تعالى ذلك أدنى أن تقر أعينهن إذا علمن أن ذلك من الله جل وعز قرت أعينهن ولم يحزن ورضين.
68- وقوله جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد} آية 52 في هذه الآية أقوال فمنها ما روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عائشة قالت ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء وقال الحسن لما خير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه فاخترنه شكر الله جل وعز لهن ذلك فحرم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج غيرهن أي فامتحنه بذلك كما امتحنهن وقال علي بن الحسين قد كان له أن يتزوج.
قال أبو جعفر هذه الثلاثة الأقوال غير متناقضة تقول عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء إسناده جيد ويتأول على أنه ناسخ للحظر ويحتج به في أن السنة تنسخ القرآن كما قال جل وعز: {إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا وصية لوارث».
ومذهب الضحاك أن الناسخ لها قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} وهذا لا يصح لأن بعده ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن وقول علي بن الحسين عليه السلام يجوز أن يكون يرجع إلى قول عائشة وإن كان قد أنكر قول الحسن فإن الحسن لم يذكر أن الآية منسوخة فيجوز أن يكون أنكره من هذه الجهة وتكون الآية عنده منسوخة.
وعوض الله جل وعز نساء النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أن جعلهن أزواجه في الجنة وفي الآية غير هذا قال زياد بن عبد الله سألت أبي بن كعب عن قول الله جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد} فقلت أكان يحل له أن يتزوج فقال نعم ما بأس بذلك قال الله جل وعز: {إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} إلى قوله: {وامرأة مؤمنة} ثم قال جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد} أي لا يحل لك الأمهات ولا الأخوات ولا البنات فهذا قول آخر أي لا يحل لك النساء من بعد من أحللنا إلا ما ملكت يمينك وقال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحكم قولا آخر.
قالوا لا يحل لك النساء من بعد أي لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات.
قال مجاهد أي لا يحل أن تتزوج كافرة فتكون أما للمؤمنين ولو أعجبك حسنها إلا ما ملكت يمينك فإن له أن يتسرى بها.
69- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} قال أنس بن مالك أنا أعلم الناس بهذه الآية لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة جحش أمرني أن أدعو كل من لقيت ودعا النبي صلى الله عليه وسلم فجعل الله جل وعز في الطعام البركة فأكل قوم وانصرفوا وبقيت طائفة وكانت زينب في البيت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وخرج وهم جلوس فأنزل الله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} إلى آخر الآية فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاب وانصرفوا.
قال مجاهد في قوله تعالى: {إلى طعام غير ناظرين إناه} آية 53 غير متحينين نضجه ولا مستأنسين لحديث قال بعد الأكل وقوله جل وعز وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما ولا غيره ولا ينظر إليهن متنقبات ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب وكانت عائشة إذا طافت بالبيت سترت وفي الحديث لما ماتت زينب قال عمر لا يخرج في جنازتها إلا ذو محرم منها فوصف له النعش فاستحسنه وأمر به وقال اخرجوا فصلوا على أمكم قال أنس كنت أدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلما نزلت هذه الآية جئت لأدخل فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم «وراءك يا بني».
70- وقوله عزو جل {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} آية 53 قال قتادة قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت فلانة قال معمر قال هذا طلحة لعائشة.
71- وقوله جل وعز: {لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن} يعني في الاستئذان وقيل معنى ولا نسائهن ولا أهل دينهن وقد قيل بل هو لجميع النساء أي اللواتي من جنسهن وقيل ولا ما ملكت أيمانهن من النساء خاصة وقيل عام إذا لم تعرف ريبة.
72- وقوله جل وعز: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} آية 56 قال أبو مسعود الأنصاري أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله جل وعز أن نصلي عليك يارسول الله فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم» وروى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل الله يعرض ذلك عليه قالوا فعلمنا قال قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
73- وقوله جل وعز: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} آية 57 قيل المعنى يؤذون أولياء الله وروى همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل شتمني عبدي ولم يكن له أن يشتمني وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني فأما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا وأنا الأحد الصمد وأما تكذيبه إياي فإنه زعم أن لن يبعث يعني بعد الموت.
74- وقوله جل وعز: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا} لأية 58 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يقعون في المؤمنين والمؤمنات بغير ما عملوا.
75- وقوله جل وعز: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} آية 59 قال أبو مالك والحسن كان النساء يخرجن بالليل في حاجاتهن فيؤذيهن وإن المنافقون ويتوهمون إنهن إماء فأنزل الله جل وعز: {يا أيها النبي قل لأزواجك} إلى آخر الآية قال الحسن ذلك أدني أن يعرف أنهن حرائر فلا يؤذين قال الحسن تغطي نصف وجهها وكان عمر إذا رأى أمة قد تقنعت علاها بالدرة قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن قوله تعالى يدنين عليهن من جلابيبهن فقال تغطي حاجبها بالرداء ثم ترده على أنفها حتى تغطي رأسها ووجهها وإحدى عينيها قال مجاهد يتجلببن حتى يعرفن فلا يؤذين بالقول.
76- وقوله جل وعز: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم} آية 60 قال قتادة كان ناس من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم فأنزل الله جل وعز: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم} أي لنحرشنك عليهم وقال مالك بن دينار سألت عكرمة عن قوله: {والذين في قلوبهم مرض} فقال: الزنى وكذلك شهر بن حوشب.
وقال طاووس نزلت هذه الآية في أمر النساء وقال سلمة بن كهيل نزلت في أصحاب الفواحش.
77- ثم قال جل وعز: {ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا} آية 60 يجوز أن يكون المعنى إلا وهم قليل ويجوز أن يكون المعنى إلا وقتا قليلا.
78- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها} آية 69 حدثنا محمد بن إدريس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة في هذه الآية {لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى صلى الله عليه وسلم كان رجلا حييا ستيرا لا يكاد يرى من جلده شئ استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل وقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة وإما آفة وإن الله عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا وإن موسى خلا يوما وحده فوضع ثوبه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ من غسله أقبل إلى ثوبه ليأخذه وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر وجعل يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأوه كما مما قالوا له وإن الحجر قام فأخذ ثوبه فلبسه قال فطفق بالحجر ضربا قال فوالله إن في الحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا» وروى سفيان بن حسين عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن علي عليه السلام في قوله جل وعز: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال صعد موسى وهارون صلى الله عليهما وسلم إلى الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو إسرائيل لموسى أنت قتلته كان ألين لنا منك وأشد حبا فأوذي في ذلك فأمر الله جل وعز الملائكة فحملته فمروا به على مجالس بني إسرائيل فتكلمت الملائكة بموته حتى علمت بنو إسرائيل أنه مات فدفنوه فلم يعلم موضع قبره إلا الرخم فإن الله قد جعله أصم أبكم قال أبو جعفر والمعنى لا تؤذوا محمدا صلى الله عليه وسلم كما آذى قوم موسى موسى فبرأه الله مما قالوا مما رموه به من الأمرين جميعا وكان عند الله وجيها أي كلمه تكليما.
79- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} آية 70 قال مجاهد وقولوا قولا سديدا أي سدادا وقال الحسن أي صدقا.
80- وقوله جل وعز: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها} آية 71 في هذه الآية أقوال منها أن المعنى على أهل السموات ويكون معنى عرضنا أظهرنا كما تقول عرضت المتاع ويكون فأبين على لفظ الأول لأنهم لم يحملوها كلهم ويكون المعنى فأبوا أن يقبلوها وحملها الإنسان أي تكلفها وكلهم قد كلفها وقيل لما حضرت آدم صلى الله عليه وسلم الوفاة أمر أن يعرض الأمانة على الخلق فعرضها فلم يقبلها إلا بنوه وقول ثالث هو الذي عليه أهل التفسير.
حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال قال الأمانة الفرائض عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين الله جل وعز ألا يقوموا به ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} غرا بأمر الله جل وعز وقال مجاهد عرض الله الثواب والعقاب على السموات والأرض والجبال فأبين ذلك وأشفقن منه وقيل لأدم فقبله فما أقام في الجنة إلا ساعتين وقال سعيد بن جبير عرضت الفرائض على السموات والأرض والجبال فأشفقن منها وامتنعن وقبلها آدم صلى الله عليه وسلم.
وقال عبد الله بن عمر عرض على آدم الثواب والعقاب وقال الضحاك الأمانة الطاعة عرضت على السموات والأرض والجبال إن خالفنها هو عذبن وسلم فأبين وحملها الإنسان وقال قتادة عرضت الفرائض على الخلق فأبين إلا آدم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر وهذ الأقوال وهي أقوال الأئمة من أهل التفسير تتأول على معنيين أحدهما أن الله جل وعز جعل في هذه الأشياء ما تميز به ثم عرض عليها الفرائض والطاعة والمعصية والمعنى الآخر أن الله جل وعز ائتمن ابن آدم على الطاعة وائتمن هذه الأشياء على الطاعة والخضوع فخبرنا أن هذه الأشياء لم تحتمل الأمانة أي لم تخنها يقال حمل الأمانة واحتملها أي خانها وحمل إثمها.
وقيل المعنى وحملها الإنسان ولم يقم بها فحذف لعلم المخاطب بذلك فقال جل وعز: {قالتا أتينا طائعين} وقال وإن منها لما يهبط من خشية الله وحملها الإنسان أي خانها وحمل إثمها قال الحسن وحملها الإنسان أي الكافر والمنافق قال أبو جعفر وقول الحسن يدل على التأويل الثاني ويدل عليه أيضا قوله: {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما}. تمت بعونه تعالى سورة الأحزاب. اهـ.